مرت ايام قاسية على يوسف .. ختار فيها العزلة وختار فيها يغادر هاد البلاد اللي عاش فيها الثلث من عمرو سعيا لهدفو ... لحسن الحظ جات حفلة التخرج مع ايامو السوداء ... محضرش طبعا ومشافش الزنقة من اخر مرة شاف فيها امنية قدام عينيه فالكلينيك .
يوم كساءر ايامه الاخيرة ... جمع جميع اغراضو واغراض امنية اللي خلات عندو فالدار . . . مخلا موراه حتى حاجة من اشياءها . الجو بارد كيزيد القنط قنطة .. هبط الحقاءب ديالو ودار قب الكابيتشو على راسو ونزل بلل ميحالو يشوف موراه ..سلم الفتايح لصاحبة البيت وهبط لقا شاب اسمر كيتسناه فالباب... بلا مقدمات سلم ليه سوارت الموطور وشد فلوس دالبيع ومشا ركب فطاكسي مباشرة للكلية ... خلا الطاكسي كيتسناه ومشا فاتجاه الادارة ... هز عينيه شاف الينا واقفة قدامو وعينيها مدمعين .. بلا مبالات داز من قداما وهي وتوقفو بحزن وقالت
النيا : يوسف ...
هز يدو جيهتها وعينيه مغمضين ماباغي يسمع حتى كلمة وماباغيش يشوف جيهتها ومشا للادارة توادع معاهم و عطاوه اوراقو وديبلوم ديالو ورجع خرج لقاها مزالة واقفة .. داز من حداها وهي تلوح ليه كلمة بصوت حزين
الينا: كنتو مزوجين
وقف وتلفت شاف فيها بأسى وكمل طريقو .. تكات على الحيط كتبكي وتنخصص هازة راسها فاسماء بينما هوا طلع فالطاكسي مباشرة للمطار ... بعد الاجارءات الازمة ووقت الانتضار طلع فالطيارة وتكى على الزاج ساهي وفيدو الخاتم ديالها كيلعب بيه ... حان وقت المغادرة وحان الوقت للعودة لارض الوطن وترك ذكريات جميلة وخزينة تجربة بقات محفورة فالذاكرة غيتذكرها يوسف فكل مرة سمع اسم امريكا ... لحضات جميلة عاشها ... احداث كثيرة دوزها ... غيخلي كلشي فهاد البلاد وغيحمل فالذهن ديالو تجربة عاشها وتدوق طعمها مدى الحياة ترسخات فذهنو مدى الحياة . سد عينيه وراسو على الزاج والطاءرة كتحلق فالسماء .
واخيرا بعد ساعات طويلة محسش بها يوسف لانه كان غارق كالعادة فباب ذكرياتو اللي كتكرر قدامو بين الحين والاخر ... سلام ايها الوطن الجريح ... هل بك مأءى فيه استريح؟ ها قد عدت بعد موتي اعاني ... اعياني الشوق و واتعبني .
حط رجليه كيشم راءحة البلاد اللي فتاقدها اكثر من سبع سنوات .. واللغة اللي اللي نساها لسانو بعدما كانت اول لغة ينطق بها .. رجع مرة اخرى وهوا كيسمع الكل كيهضر بالدارجة اللي شحال ما هضر بها واخا كان مع امنية حوارهم كامل كامل بالانجليزية ... كيشوف وجوه مغربية .. ملامح عربية... الكل سعيد وعلى وجهم فرحة غارمة بوصولهم لبلادهم ... تقدم مع المسافرين داير شكارة على كتفو لابس دجين وحداء رياضي وكابيتشو بالسنسلة والقب وكاسكيطة على راسو كحلة ... الشمييشة واخا البرد محرك لاكن تلحو دافىء مقارنة مع شيكاغو ... نزل بعد ما داوز الاحراءات ومشا هز الحقاءب ديالو دارهم فالشاريو وخرج بيهم كيشوف وجهوه الناس البشوشة والضجة اللي دايرين... شي كيعنق شي والكل فرحان والكل كيقلب بعينه على جزء منو وسط الناس باش يضمو وشبع اشتياقو منو الا يوسف اللي غادي كيشوف فيهم بنص عين وعارف ماعندوش علاش يقلب بين الناس حيت اصلا مكاينش اللي غيتعرض ليه ... لاكن فجأة وهوا غادي فاتجاه اللباب دالمطار هز عينيه لقا قدامو شاب بابتسامة عريضة وعيون مليءة بالفرحة والاشتياق ... اشقر الشعر معتدل القامة والجسم بملابس عادية عبارة على دجين وقميجة زرقاء ... شافو يوسف وهوا يوقف ... دار ابتسامة خفيفة بشفايفو وقال
يوسف : حمزة!!
جرى حمزة عندو عنقو ورد عليه يوسف العناق وبقوة تلاسقو بقا الكل كيدر ويشوف فيهم بابتسامة .. شاف فيه حمزة وقال بابتسانة وسعادة غارمة
حمزة: على سلامتك ... على سلامتك اخاي يوسف
تنهد يوسف وشاف فيه ورجع عنقو وقال
يوسف : الله يسلم
جر عليه حمزة الشاريو وجرجو معناقين ... وقف حدا سيارة سوداء متوسطة الحجم ديال الشباب .. حط الحقاءب فالكوفر فرحان وفتح ليه الباب ركب ... شدو الطريق .. يوسف ساكت كيشوف قدانو وحمزة كيشوف فيه ويرجع يشوف قدامو ... كيشوف التغيير الجدري اللي ولا عليه ... سنوات ما شافو من اللي كان صغير وقصير عليه وخفيف كي الريشة ... دابا رجعل راحل بشلاغمو ولحيتو نازلة حتى لعنقو ضرب فطول حمزة ووساع الشىء اللي خلا حمزة غير كيشوف بعيون مبتاسمة .
حمزة: صبحان الله ... نتوما صحاب اللحية دغيا كطوالو وتوساعو مافهمتش علاش . . . وايلي هادا يوسف اللي مشيت معاه للمطار فاش مشا بقرا ... تباارك الله
تلفت يوسف شاف فيه وتنهد
يوسف : نعمة من عند الله ... والحمد لله على كل حال
رجع شاف قدامو وسكت ... عم الصمت . .. واها حمزة موحش يهضر معاه ويضحك ويسول على احوالو لاكن يوسف مخلاش ليه فرصة بكثرت السهو و والسكات والهضرة القليلة اللي ديالو ... وصلو لعمارة فحي من احياء الدار البيضاء ونزلو هازين الشوانط بجوج ... حمزة طالع فرحان هاز الشانطات فيدو وكيرحب ويعاود مقاداه فرحة . فتح باب دار ودخلو لشقة مفروشة ومتوسطة الحجم ناكبيراش ومصغيراش .. مشا يوسف نيشان جلس على واحد السداري تكى على ضهرو وتنهد وحققش فالدار لا كيف دايرة لا والو . . . حتى وقف عليه حمزة بابتسامة ناشر يديه باغي يشاركو الكلام
حمزة: ايوا ... كيجاتك الدار ؟
فتح يوسف عينيه لمح بعض الاجدران منها والاثاث وشاف فحمزة كيرحك راسو بالايجاب
يوسف: مزيان ... الله يدخلها عليك بالربح
لهجتو فدارجة مزالة مايلة للانجليزية وحتى حركاتو وتعابير وجهو كفاش كيهضر غربية ... عكس حمزة اللي مطلوق فالهضرة وكيهضر ويشوف فيوسف كيضحك و وفرحان بيه ومفتاخر بيه ... مقدرش يحزن لحزنو واها عارف اش وقع وعارف التغيير اللي طرا فحيات يوسف لاكن فرحتو برجوعو والنضر اليه مباشرة مقدرش يكتمو . . . قال وهوا كيجر الحقاءب لواحد البيت
حمزة: اجي ترتاح اجي ... اجي هنا خود راحتك الدار دارك راك عارف اللي كاين متحتاجش نعرض عليك
ناض يوسف وهوا كامل هموم حتى النضرة ديالو مشوشة ومتابتاش فبلاصتها ... دخل للبيت جميل ابيض لقاه مفرش فراش عادي .. فيه ناموسية عليها فراش ازرق ماءي ونافدة عليها ستاءر رقيقة زرقاء وبلاكار بجوج بيبان صغير فالجنب و زربية صغيرة فالارض تكلم حمزة وهوا كيبلاصي الحقاءب وداخل خارج ميشرح بيديه
خرج حمزة وبقا يوسف جالس فبلاصتو .. دوز يديه على وجهو وناض فتح واحد الباليزة جبد منها بعض الملابس وخرج كيقلب على الدوش .. دخل دوش وتوضا ولبس ملابس منزلية ومشا للصالون الكبير كان مربع و مفرش فراش بلدي وعصري فنفس الوقت فاللون الابيض كريمي والكرونة وستاءر بنفس اللون مع لوحات فالحيط وثريا مدلية .. لقا السجادة فالجنب محطوطة وطلقها كيصلي عليها . رجع حمزة للدار هاز اغراض فيديو لقاه كيصلي ومشا للكوزينة كيقرب وخارج هاز بلاطو كيوجد الطبلة ويستف الحلوى واتاي لان وصول يوسف كان مع المغرب ... ناشط فرحان وكيعبر عن الفرحة ديالو بالكرم وحسن الضيافة
مقصرش حمزة ... رحب وفرح ومكرهش يهزو على كتافو ويتسارى بيه فالدار ... يدور يدور و يعنقو ... ماحاولش بالمرة يجبد وفاة امنية حتى بكلمة ... وجد العشاء بحال الى موجداه امرأة .. متنوع بالدجاج محمر و الشلايض والموناضا... يوسف شاف العشاء ورجعات بيه الايام للور ... الماكلة المغربية ذكراتو بلحضات جميلة ... سهى حتى حط حمزة يدو على رجلو بالجهد وقال
حمزة: يالالله بسم لله
استيقض يوسف من السهوة وتنهد كيمسح على وجهو وبصوت خافت كيردد ... " ان لله وأن اليه راجعون " ... سمى الله واخا معندوش منين يدوز ليه وشارك هوا وحمزة الطعام بزز وناض رجع للسجادة كمل سوايعو فالصلاة وحمزة كيجمع الطبلة ويغسل الواني وينضف .. رجع لقاه جالس مربع على السجادة وقال
حمزة: الى عيتي دخل ترتاح
حرك ليه راسو بالايجاب وكمل تلاوة القرآن الكريم وحمزة جالس شاد تيليفون فيدو مركز معاه ...
الايام كتمضي بغمضة عين...بلا منعيشوها بلا منحسو بيها كما يجب .. كتمضيو تقضم من عمرنا بشراهة وتخطف الاحباب فجأة بلا منودعهم وداع كيليق بهم ...كتنضي وكتاخد منا اثمن ما نملك " سنين حياتنا "تمضي وتأتي بالجديد.. .تقرب البعيد ... وتبعد القريب ، وتحمل لنا في جعبتها العديد من المفاجأت ...تمشي وتتغير الاحوال .. تتغير الاماكن ... تتغير الوجوه ولا يبقى لنا منها سوى الذكريات ... حمزة كيمشي للخدمة ويوسف حياتو متوقفة ... دار الربعين لأمنية فدار حمزة ... جمعو الطلبة وجمعو الجيران ودارو عشاء وقراو القرأن و دارو الدعاء ...بدا كيتحرك شوية ويخرج للجامع و رافقو حمزة للشقة اللي شرا فسونطر فيل ... دخلو ليها وراها ليه ودار فيها شافها وهندسها وقرر يصلحها على شكل عيادة طبية ويبدا الخدمة فيها ... شوية بشوية بدا كيخرجو حمزة معاه وشارك معاه الهضرة ويملي عليه افكار بشأن العيادة وكيحاول يلهيه بشتى الطرق .اليوم نهار جديد فمنزل حمزة المتواضع ... فاق يوسف كالعادة .. من بعد الاستحمام والصلاة شاف فتجاه اصلو ونسبو وقرر يمشي يطل على واليديه فالقبر ... حلق دقنو شوية ونقص من كثافة اللحية اللي خبات ليه ملامحو حتى رجعو الاطفال كيتخلعو منو عاد بان وجهو وتوضحات ملامحو ... لبس سروال ومونطو قصير وخرج داير يديه فالجياب وبجنبو حمزة لابس كويرة بنية جات مع مع وجهو الوسيم وملامحو الشقراء طلعو فالسيارة فصمت كيقودها حمزة واتاجهو للعروبية فين نشىء يوسف وفين خلا جدورو وارضو وارض جدادو ، وقفات السيارة على شارع بجنب صور ابيض ديال الروضة ونزلو كيتأملو المكان ... استنشق يوسف نسيم الهواء وتنهد بعمق وتقدم وهوا سارح بعينيه فالروضة اللي تغيرات ... زادت عمرات على اخر مرة زارها فيها لدرجة تلف على اتجاه قبر واليديه ... بقا كيدور بخطوات بطيءة كيقلب وموراها حمزة كيقلب معاه حتى طاحو عليهم تحت واحد الشجرة مضللة عليهم من الشمس اللي ضاربة واخا الجو بارد وفصل الربيع كيدق الابواب ... وقف قدامهم يوسف كيشوف فيهم بحزن عميق وجلس وسطهم ... تماما فالمكان اللي كان كينعس فيه وهوا طفل وكيتوسد الصخور تحت منو فراش رهيف مقطع كيضل غادي جاي بيه للقبور . جلس على حجرة مربعة وحدر راسو ساهي كيشوف وحمزة واقف فالجنب كيراقبو بحرن .. تقدم فقيه لابس جلابة بيضاء وبدا كيقرى ما تيسر من القرآن حتى سالا وطبطب على كتفو وقال
الفقيه : مللي كانت عندك 6 سنين ونتا كتجي تزور قبر واليديك ... ولا مرة غيبتي ... كنتمنى حتى انا شي نهار نموت ويزوروني ولادي كما كتزور واليديك
تلفت الفقيه وقال بأسى : انا اولدي اول نهار عندي هنا ... الفقيه يالاه سيمانة هادي باش مات الله يرحمو ... دفناه فهاد الجهة (شار بصبعو ) قرينا عليه ماتيسر وجينا نخرجو وهوا يقول لي العساس دالروضة بيلا هاد المقابر بجوج كيزورهم واحد الولد ملي كانت عندو 6 سنين وعمرو غيب ... قلت سبحان الله العظيم وسعدات واليديه بيه ... يالاه بغا يعاود ليا وجراتنا الجماعة بالهضرة ... اما الفقيه مسكين راه مات الله يرحمو
بقا يوشف واقف كيحرك راسو بالايجاب بعدما مشا الفقيه وتلفت عند حمزة وقال
يوسف: يالاه نمشيو نشوفو مرتو ... الله يرحمو ويوسع عليه .. واخا مااعندي خاطر نزطم فديك الارض هاد الساعة
هز راسو فالسماء وتنهد .. دار ليه حمزة اشارة براسو وتحركو على رجليهم كيشوفو التغيير اللي ولا فجناب العروبية ...اقامات جديدة وحديثة ... وهوا غادي كيتأمل و مع طريق داز منها كيسترجع ذكرى عاشها حتى دخل للعروبية و وقف ... لا تزال الامكان والذران كما هي ... الارض والطرقات كما هي ... كما خلاها باقا ... حتى حاجة جديدة متزادت فيها ... داز بجنبو شاب قدو فالسن شاف فيه بنص عين معقلوش ... وكان هاد الشاب من الاولاد اللي ضربوه بالحجارة فصغرو وقساو عليه . . . حتى يوسف معرفوش ، لان بكل بساطة حتى واحد ما بقا صغير ... وحتى واحد معاقل على شنو داز فسن الست سنوات من غير تشاش وبعض اللقطات اللي كن تفكر فيها كل واحد فيهم الثاني وسترجع لقطة صغيرة كانت غتجرو لباقي الاحداث كاملة ، استغرب الولد ومشا كيقول مع راسو شكون هاد الغريب ؟ ماشي ولد الدوار لا هوا لا اللي معاه ! اما يوسف سرحات عينيه على المدى البعيد جدا ... احداث كدور قدام عينيه .. هوا ولد الدوار .. هوا من بكى ولم يشتكي من قسوة الايام .. من قسوة الناس عليه .. هوا اليتيم اللذي شهدت عليه ارض ركض عليها ... كيشوف بعينيه وعارف ان حتى واحد مغيعقل عليه .. لم يتذكره احد ... ولد من جديد وهوا يتذكر ماضيه الهالك ... طفل بريء يمشي ليلا والضلام حالك . . . وحيداً خائفاً تحت ضوء البدر الساطع ...وحيد لا صديق له في أرض ربي ضائع ... شجاع لا يهاب شيئاً ضن نفسه كفارس...
فلا مأوى ياويه من ضرار البرد القارص ... طفل يغطي جسمه بعض من القماشِ ... احلامه تبخرت مصيرها التلاشي ... اليوم بارد والليل دامس ظلامه ... والطفل شارد وقد تمزقت آلامه صغير في نظير العمر عقله كبير ... فأين من يحميه أو من البلوى يُجير ... فراشه التراب قد توسد الصخور
وكل من رآه لم يكن به فخور
سألوه...
أما من نور في الحياة ... أما من بسمة قد تذهب المعاناة؟
دعوني احكي ما ببالي ... احكي ولا اظن أن منكم من يبالي ... احكي ولا اسيء في كلامي .... برئ لكن لا يرى غير الظلام
وحيد في حياته ولا مأوى ياويه ... ولا أماً تضمه ولا أباً يحميه ... قلوبكم تفتت وصارت كالحجارة .... ضميركم غفى حتى ضمتكم القذارة ... دعوني كل ليلة دوما ألقى العذاب ... ظلام الليل موحش والذئب ذو أنياب ... نظرت للسماء لم اجد غير السواد فكتفيت بالبكاء ما دهاكي يا بلادي ؟!!
تركتني اعاني وحدي في دُجا الليالي .... حتى الجماد يقشعر فالمكان خالي ... وقد سالت الدنيا لم تسعفيني؟ لم تسمعي كلامي حين قلت لكي دفيني ... فضلتي ان تضمدي جروحك في قلبي .... في العسر لم اجدك أطفأت نور دربي ... شربت كأس اليأس والأسى خلف الستار ... ناديت الهم راجياً ان يخفف هذه النار ... رسمت ابتسامة لكنها توارت ... اريد ان أواصل لكن قواي خارت ... ترون بالبصر ولا ترون بالبصيرة .... بعد الحياة موت ايامناً قصيرة ... تركتموني وحدي من فضلكم دعوني ... وواصلوا حياتكم ببسمة من دوني ... ألم تروا براءة تريد ان تطيرا ؟ الم تروا وجهاً غدى عبوساً في الطريق يسير ؟ ... لالا ... ولن الومكم فربمى هذا ابتلائي ... أن لم تروني حياً فسأكتب نداءي ... والحبر دمعة تسيل قطرة من خدي ... قد عشت عيشا قاسيا ...ولم يكن بودي ... رجال الحق قالو ... الصابرون نالوا ... وذهني حامل لِمَ لا تحمل الجبال ... وقد جفت عيوني من كثرة دموعي ... وما نسيت ربي في سجودي او ركوعي .... لاتلمني ان كنت اكثرت الصراخَ .... فحالي حين قطعت اوتاره تراخى ... من جائني رحيماً بادلته احتراماً ... لكنكم لم تفعلوا اهواكم الحرام .
للحضة حس براسو رجع صغير ... طفل الست السنوات ... شحال ديال الوقت مر وشحال ديال السنوات ... ثلاثة وعشرين سنة ماااشي ساهلة ... واحد وعشرين سنة تزاد اللي تزاد .. ومات اللي مات ... تحطات يد حمزة على كتفو فيقو من السهوة وقال
حمزة: مشينا ..
حرك راسو يوسف راسو بالايجاب وتقدمو وسط الدورا .. داز على الحانوت اللي كان كيتسخر لمو منو شافو جاب ليه الله الحانوت صغار حيت كان كيتسخر منو وهوا وصغير وكيتعلق فيه ودابا كبر عاد بدا ميبان ليه حجم الحانوت ... مشا وقف عندو داير يديه فالجياب وكيدور عينيه ويشوف ... باقي هوا هوا ... كما خلاه ... ناض راجل مسن بلخية بيضاء وجلابة رماضية من فوق الكرسي وقال
الدكاني : اش حب الخاطر اولدي
قالها وهوا ميشوف وجوهم الغريبة
ابتاسم يوسف نصف ابتسامة وجبد من جيبو جوج دراهم حطهم ليه وقال
يوسف : عطيني دانون
استغرب الدكاني من طريقة ديوسف ومشا فتح الثلاجة جبد واحد دانون حطو ليه وبقا كيشوف فيهم باستغراب كيتسنى يطلبو شي حاجة اخرى ، حمزة ساكت مربع واحد اليد واليد اللهرى حاطها على فكو وكيشوف بعينيه بلا حتى كلمة .. شوية نطق يوسف و زاد قرب من الدكان اكثر
يوسف: اححم..هادي 23 سنة تقريبا ... كان هنا واحد الولد يتيم الاب والام سميتو يوسف ... عرفتيه (طلع حاحبو )
رجع الدكاني بذاكرتو اللور كيذكر وهوا يقول
الدكاني: ايييه ... يوسف ... ولد هنية واحمد الله يرحمهم ويجدد عليهم الرحمات ... بلحق اولدي شحال هادا مابان يعلم الله فين كاين وعمرو جا لهنا من داك العهد ... ايييه كان مسكين كيجي يجيب ليا لفلوس ويكَول ليا عطيني دان....!!!
هز الدكاني راسو مخرج عينيه كيحقق فيوسف وكيعاود يحقق ويوسف كيحرك ليه راسو بالإيجاب ... تصدم الدكاني وخرجو عينيه وخرج من الدكان وقف قدام يوسف هاز راسو فيه كيشوف ويرجع يهبط عينيه كيتأكد وبصوت مرتجف قال
الدكاني: هاز صبعو فيوسف) يو ...ي.ييوسف!!!!!
حدر راسو يوسف بابتسامة خجولة وفنفس الوقت ملامح الحزن مخيمة على وجهو وقال بصوت هادىء
يوسف: هوا هادا ... ولد هنية
ابتاسم الدكاني من الصدمة وعنقو فرحان وبادرو يوسف نفس العناق
الدكاني: على سلامتك اوليدي على سلامتك ... على سلااامتك طوااالتي الغيبة ... (بعد كيشوف فيه ) تباارك الله تبارك الله رجعتي راجل ونص .. مرحبا مرحبا مرحبا ... زيد اولدي دخل
الدكاني: هي اللولة اولدي ننشي معاك الله اودي .. ولد احمد تبارك الله رجع ومنفرحوش بيه
دخل الدكاني فرحان للدكان جبد قوالب السكر دارهم فواحد الميكة مع الحليب وخرج عطاهم ليوسف .. جبد هاد الاخير الفلوس من الجيب لامن الدكاني حلف ميشد من عندو السنتيم وتلفت كيعيط على ولد ولدو يقابل الحانوت .
الدكاني : يالاه على بركة الله .. مرحبا مرحبا نهار كبييير هادا ... شكون هاد الولد ..
يوسف : خويا حمزة
الدكاني باستغراب : خوك !!!
يوسف: ماشي ضاروري يتزاظ من نفس الكرش باش يكون خويا
ابتاسم الدكاني و سلم على حمزة فرحان وتقدم معاهم ... غاديين وسط الدوار اللي مزال كما هوا الا بعض البيوت اللي صلحوها ماليها
الدكاني: ايييه يا اليام ... عاد كنتو تلعبو وتجريو هنا مور العاصر ... دابا كلشي كبر كلشي تزوج كلشي بغا يخرج من الدوار مابقاوش راضيين بيه
يوسف : الصمت
حمزة: الوقت كتبدل السي ...
الدكاني: محمد
حمزة: السي محمد ... عقل الصغر ماشي هوا عقل الكبر
مشاو كيتجمعو حتى وصلو لدار الفقيه اللي فواحد الكدية قريبة من الجامع .. لقاو الناس شي داخل شي خارج ودخلو للبيت المتواضع واحد مور واحد ... استقبلاتهم زوجة الفقيه بوجه شاحب تعبان من البكاء لابسة ابيض في ابيض حانية راسها كتقود بيهم للصالة المتواضعة ديالها وفراشها دالموبرة القديمة فالموطارد والاسود ... حط يوسف ديك الميكة حدا الباب وحيد سبرديلتو هوا وحمزة ودخلو جلسو حادرين الراس كيشوف غير بنص عين . الصمت . . . شوية دخل شاب تقريبا فنفس سن يوسف سلم عليهم وعزاوه حتى هوا وجلس معاهم ساكت ... تقدم الدكاني بصوتو الضعيف نضرا لكبر سنو وقال
مداهاش فيها وهي تعصب جراتو من كتفو تا تهز ولاحتو للارض
الام : ارى الخراااا غتلفها تفوووو على طسيلة
طاح فالارض كيبكي ويصعر وهوا يدور فيها صاحبة الفولار الازرق وقالت : سكتييينا الزبل شوهتووونا الله يخليها سلعة ... انا غنطج من الخربة خراو فيها تفووو
خرجات طالع ليها الدم لقات وحدة من البنات اللي كانو كيطالة مزالة كتبركك وخرجات لبرى كتسوط ... سمعات صوت موراها وهي ترجع للجنب حشماتة وشافت فيهم خارجين كيهضرو كاملين ورجعات تخبات حدا الباب مكمشة فبينوارها الطويل وسروالو حاضيا حمزة وكتبتاسم .. بدا حتى هوا كيقلب عليها بعينيه وكيهضر مع الدكاني حتى طاحت عينو عليها وابتاسم وبدا كل شوية يشوف جهتها وهي شادة الضحكة ما باغاش تبين سنانها حتى مشاو ... غادي وكيتلفت اما يوسف كيشوف ومتبع مع الدكاني اللي كينعت ليه بيدو ويوريه حتى غبرو
يوسف : واحد عمي باقي فالحياة ولا مشا عند الله ؟
الدكاني: بااقي ... الله يسمح ليه وصافي... شو شحال هادا من عام والدوار كيترشح عليه ... وشوف قدام واش تزادت شي حاجة فهاد الدوار ولالا ... هانتا شوف الناس مزالين كيسقيو من السقاية .. غير اللي عندو الدار والفيرمات بحالو هوا اللي مدخل الماء اما الدراوش ليهم الله وداك عمك الله ياخد فيه الحق ... بارك ويكنز في الفلوس و لا جيتي شفتي حالتو باقي كما هوا ماباينينش عليه ... وا فعوض يمشي يحج ويتاقي الله فالناس بارك يضحك عليهم ويكذب في البرلمان
يوسف: باستغراب) مزال فالبرلمان؟
الدكاني: اودي ... خليها على الله وصافي ... و دكَول واش بغا يقلع من تم ..
الدكاني: هاتا تشوف ! ها ولدو بارك يتبورد علينا بهاد الخرشاشة تاع بوه .. نهار ومطال وهوا غادي جاي داير علينا صعصع ... كي شتي الشانطي دارو غا ليه هوا بوحدو ... جرو من الطريك لكبيرة نيشان عندو لفيرمة.... جاو من جيهتو غا هادوم اللي طلع ليهم الزهر ودوز من خدا بابهم الشانطي وبارك يكدب عليهم ويكَوليهم راه ليكم درتو ومزاالي جايا النوبة نزفت الارض للناس ... وهوا غا كادب غا حيت جاو على داك الشانطي اللي صلاح ليه هوا يدوزو من تم ... والظوار تيقو فاش شافو دار الطريكَ و واحد 4 تاع البولات لسقهم فالسطوحة دالناس يضويو الشانطي وباركين يتسناو فيه يزفت ليه الزناقي ويلسق ليهم البولات ! هه تسطية هادي!
سهى يوسف ومشا عقلو بعيد ... الدكاني كيهضر و مكاين اللي كيسمع ليه من غير حمزة .. تنهد يوسف وقال
يوسف: المهم ... خلينا ليك الراحة هاد الساعة
الدكاني: هاء! علاه مغتشوفش عمك؟
يوسف : من بعد ماشي دابا ... مزال ايام الله طويلة مزال هاد الطريق غادي تردني لهنا غير تهنا
توادع معاه ومشا كيتمنضر هوا وحمزة ... بانو ليهم ناس الباظية مجمعين على واحد السقاية ديال الماء كيسقيو وفجهة اخرة بير مجمعين عليه شي بنات كيطلعو الماء... كملو على رجليهم حتى وصل لبيت واليديه ووقف كيشوف فيه ... رجع المنزل مهجور و قات السقف كيتفتتو لان المنزل مبني من الثراب وعندو باب ديال القزدير غير محطوط ملاسقش ... دفع داك الباب برجلو ودخل لوسط الدار العاري بدون سقف كيشوف ... بانو ليه قراعي ديال الشراب مهرسين ومشتتين دليل على ان المنزل رجع ملجىء للمتسكعين كيشربو فيه ويسكرو فيه ... دخل للبيوت اللي دايرين بيه لقا شي شوانط مشتتين قدام وعليهم الغبرة والتراب ... جلس القرفصاء ميحيد داك التراب بيديه وكيجر بقايا ملابس قديمة .. فكل مرة يحاول يجر شي طرف كيتقطع لان بكل بساطة الاتواب رشات مع مر السنين ...هز واحد الخشبة مهرسة كيدفع بيها التراب والخردة و وخوا يلقا البوم صور مكمش ومقطع فيه النصف ... هزو ساط عليه وناض كيشوف فيه بينما حمزة واقف كيدور عينيه فالقنات اللي معششة فيهم الرثيلة وقال
تلفت عندو حمزة لقاه كيتحرك جيهت الباب وعينيه مركزين على الالبوم كيقلب صفحاتو البيضاء .. قرب منو وشاف فيه ... قلب الصفحة ولقى صورة للام ديالو فالابيض والكحل فاش كانت شابة طالقة شعرها الطويل والفرقة الوسط ... حزن يوسف وهوا كيشوف فالصورة وكول الشوفة فيها ... كانت جميلة ورقيقة وطويلة مبتاسمة ابتسامة بريءة ولابسة كسوة طويلة دايرة ليها سمطة على كرشها لحال السمطة دالرجال ... دور الصفحة لقا صورة ديال باه ... كيشبه ليوسف ... غير باه محيد اللحية ... طويل وعامر وشعرو اسود ظاكن وعيونو عسلية شبه يوسف .. ابتاسم حمزة وقال
حمزة: باك هادا ؟ ... كتشابهو سبحان الله
بقا يوسف ساكت كيتأمل الصوة ورجع قلب الصفحة لقا صورة للام ديالو والاب ديالو بجوج واقفين حدا بعضياتهم وهوا صغير لابس صندالو فرجلو صغر منو وسروال وقميجة مقجوجة من العنق .. شعرو مسبسب وشاد لمو فيدها اللي بانت فالصورة حاملة وكرشها باينة وواقف بالجنب كيشوف فالكامرة ... طول الشوفة وتنهد بعمق وسد عينيه .. دوز يديه على وجهو وزير على عينيه وسد الالبوم وخرج مهضر مانطق ومعاه حمزة كيشوف فيه بأسى
رجعو فحالهم للدر ةمل واحد شنو مشا يدير... يوسف جلس فالبيت كيتأمل الصور حمز داخل خارج مخليه على راحتو ... الايام كدوز والعمر كينقص ويوسف مزال على نفس الحال ... دينا مهموم ديما مشطون ماعندو كانة وماعندو خاطر ... الحديث مع حمزة قليل بزاف واخا بيناتهم بزاف ميتقال لاكن مزال لحد الان مخليين اللمور للوقت حتى تبرد عاد يتناقشو ، بدا يوسف كيوجد العيادة الطبيبة ديالو وكيبحث فالانترنيت على المعدات اللي يشري ويجهز بيها العيادة بحال العيادة اللي شاف فأمريكة .. تكون نضيفة ومجهزة ومليءة بالمعدات والاجهزة اللي يحتاج ، لحسن الحظ انه كان جامع مال كافي لهاد الاهجزة الباهضة فالثمن ... شوية بشوية بدات الشقة كتغير من شقة لعيادة طبية وكتجهز وتبان حتى كملات ورجعات وجاهزة من جميع النواحي . بلاكة على برى كبيرة مكتوب عليها بالخط العريض " اخصاءي الدماغ والجهاز العصبي " وعلى الحيط زاجة سوداء صغيرة مكتوب عليها " الدكتور يوسف بن عطية خريج كلية الطب بشيكاغو الولايات المتحدة " اسم ملفت للنضر طبعا كيخلي اي مريض يدوز من الشارع الرءيسي بسونطر فيل يوقف يشوف الاسم ويزعم يدخل . العمل بدا وبدا كيستقبل المرضى عندو فالعيادة ... السيستيم اللي خدام به يوسف سيستيم غربي ... الوضوح والتفاني فالعمل واهم شيء التواضع ... كيعطي وقت للمرضى وجدي فالعمل ديالو طبعا ومعندوش فرق بين الغني او الفقير ... عملو ميأدي بنزاهة باش هاكا يبقا ضميرو مرتاح وميزيدش هم على همومو المتراكمة اللي مامخلياش ليه فين يتنفس .
اليوم الربعين ديال الفقيه اللي مات ... خرج يوسف هوا وحمزة لابسين قوانج خفاف وسراول واحدية رياضية بحيت الربيع ظخل والجو دفاء ومشاو فاتجاه البادية ... حمزة سايق السيارة كيتسنط لموسيقى هادءة و يوسف الطريق كاملة وهوا كيفكر ويبلاني ويهدم بوحدو ... ميشوف قدامو طريق طويلة وصراعات وحدة مور وحدة عاد غتبدى ولازم يكون حاهز ليهم بالرغم ان نفسيتو موالة عياتة ومامستاعد لحتى معركة فالوقت الحالي. وصلو للبادية وتاجهو لبيت الفقيه لقاوه عامر بالناس .. النساؤ فجهة معزولين والرجال فجهة ... لقاو السلام وجلسو بين الرجال اللي للبسة جلالب بيضاء وبداو مجموعة من الطلبة كيقراو القرأن ويوسف كيردد بشفايفو مع الصور هوا وحمزة ساكت كيتسنط وعينيه تابعين كأوس الشاي اللي كدور فكل مرة من ايادي شباب الدوار .. فجأة تسمع صوت فالباب مألوف قوي ودخل عمو لابس جلابة بيضاء وسلهام فالكرونة .. باقي كما هوا .. نفس الطولة والتجريدة ، فقط زغب شعرو ولحيتو اللي ولا ابيض ، بصوت خشن لقى السلام ودارو ليه بلاصة فالقنت كونو من رجال السلطة والمال اللي فالدوار وجلس ... هز يوسف عينو شافيه وعقد حجبانو ورجع شاف فجهة اخرى ... العم دريس مان على بالو ان يوسف رجع من الخبار الي شاعت فالقبيلة والحديث اللي كيدور عليه من دار لدار حتى وصل لفيرمة دريس .. مع الجلسة وسط الرجال قلب وجهو للقنت شاف فحمزة ويوسف ورجع شاف فيوسف مخرج عينيه عقلو وعرفو من الشبه القوي بينو وبين احمد الاب ديالو ... سكت وبقا غير كيشوف فيه مصدوم لشكلو وحجمو ويوسف قالب عيينيه لجهة اخرى ماباغيش يشوف جيهتو بالمرة شوية دازت من جيهت الباب نفس البنت وبنفس الفولار الازرق لابسة عباية عادية فالاسود طويلة وصندالة دميكة كتجرها فرجليها ... قشعها حمزة وحدر راسو كيشوف فجنابو وقال بصوت خافت ليوسف
حمزة: غنوض لطواليط ونرجع
حرك ليه يوسف راسو بالايجاب وناض حمزة لبس سبرديلتو المحطوطة حدا باب الصالة وخرج لقا وحدة من البنات دايزة سولها على المرحاض بأدب نعتاتو ليه حشمانة ومشات هربات ، قلب الدورة جييهت الباب ديال الزنقة فين كاين المرحاض وهوا يقشع مولات الفولار كتنمر محنية كتنفض التراب لعمار وهوا كيسب فيها .. جرات ليه ودنو ودفعاتو مخنزة
البنت: يخخخ .. كنس كي داير تفوو
حمزة: حشومة تكَولي هاكا
تلفات بالزربة لقاتو واقف موراها بابتسامة وهي تخرج لبرا خايفة شي1 حد يشوفها كتهضر معاه .. تبعها كيشوف فجنابو واش شي واحد حاضيه ومشا موراها حتى وصلات لواحد الشجرة مور الدار مضلمة وهوا يجرها من يدها وقفها وقال
حمزة : اجي بلاتي غير نهضر معاك مالكي خايفة
قالت وعينيها كيدورو مخلوعة
البنت: لا خويا لا ... لالا
بغات تمشي خايفة وهوا يشدا من دراعها كيجبد تيليفون من الجيب وقال
حمزة: بشوفي غدا مع الخمسة تلاقيني فالشارع حدى باب الروضة .. احس شنو سميتك ؟
البنت: بارتجاف) رحمة
جرات كتفها وهربات وهوا يعيط بصوت خافت
حمزة : رحمااا
وقفات تلفتات مخلوعة فعينيها خوف كبير
حمزة: غدا متنسايش مع الخمسة
شافت فيه ومشات كتجري ورجع هوا دخل للصالة وجلس حدى يوسف وبقا حاضي الباب
تحط العشاء للناس وتجمع يوسف هوا وعمو مقابلين فطبلة وحدة ...واحد مكيهضر مع الاخر وناس الدوار عينيهم غير على يوسف اللي غبر 23 سنة ورجع راجل مابقاش داك الطفل اللي ماليه لا ام لا اب .. الصمت وكلشي تعشا ساد فمو .. العم دريس عينو محيدوش على يوسف . . اما هاد الاخير فقالب وجهو للجنب مكيحركش عينيه .. سالا العشاء ودارو الدعاء وحتى واحد من ناس الدوار متجرأ يجبد الحديث مع يوسف لان ملامحو باين عليها الجد والصرامة ، سالا العشاء وخرج يوسف وحمزة لبرى بلا ميهضرو مع حتا واحد .. زادو جوج خلفات وهوما يسمعو صوت قوي من موراه قال
ادريس : يوسف؟
تلفت يوسف ببرودة عندو و وقف كيطلع فيه ويهبط .. قرب ادريس بالتسامة واعجاب وقال
ادريس : على سلامتك اولدي ... معقلتيش عليا ؟
بابتسامة جانبية خفيفة قال
يوسف : وعلاش انا نقدر نساك !
ادريس: ههه على سلامتك اولدي على سلامتك ... شحال قلبنا عليك شحاااال
قرب عندو عنقو لاكن يوسف مدار حتى حركة وبقا تابت فبلاصتو بارد .. بعد ادريس فرحان وقالي
إدريس: زيد اولدي مرحبا بيك زيد ... ويد لخيمتك ... نهار كبير هادا اللي رجعتي ... رجع ليا ولد خويا ... صدق من قال اللي ولد ماماتش ... تبااارك الله تبارك الله ... زيد اوليدي زيد
بابتسامة ساخرة حرك يوسف راسو بالايجاب وحمزة حداه مطلع واحد العجب معجبك ومصدوم ... داهم ادريس فرحان وكيرحب بيهم وحتا هما مشاو معاه .. دخل يوسف لباب الفيرمة وبدا كيتذكر احداث طفولتو المريرة ... غادي وساهي ودنيه مصمكين مكيسمعش لصوت عمو اللي كيهضر بااجهد ويعيط ... فلحضة طاحت عينو على واحد الساحة مزلجة بزليج احمر خاص بالاسطح وهوا يتذكر اليوم اللي صبنات تما نو وهي حاملة وهوا صغير محني كيحك و يجر فالزرابي تقال على ضهرو مقاتل معاهم ... حزنو عينيه مرة اخرى ورجع شاف قدامو فباب دالفيرمة الدخلاني وتذكر نهار خرجاتو فضيلة مرت عمو فازك فجو البرد القارص وسدات الباب لو مامرت الفقيه اللي لتاجىء ليها وحضناتو كن يعلم الله شنو جرى ليه . فيقو صوت ادريس القوي وهوا كيعيط
مزالة فضيلة هي فضيلة ... التكاشط والذهوبات غادية جايا كتجرجر فيهم . بلعكس زادت قطعات شعرها وصبغاتو بالزعر .. صدق من قال " من شب على شيء شاب عليه " غلاضت بزاف ولات كتمشي منفوجة وجلايل النكشيدة الخضراء تابعينها... تمشيطة عادية بلا عقيق بلا والو هي اللي موالفة تلبس للاصت البيجامات وتحزمهم ... شافتو وعقدات حجبانها باستغراب وشافت فدريس اللي حاط يدو على كتف يوسف فرحان .... توقف الشوف عند يوسف فنقطة وحدة ... فوجه فضيلة مباشرة كيشوف فيها بملامح حقد وكره .
ادريس : تي هادا راه يوسف ولد خويا ... واتي نسيتي عليه ولا مالك !!
ضحكات فضيلة وقالت : اااه يوسف!! مرحبا مرحبا ... زيد اولدي زيد دخل مرحباا مَرْحْبااا .
جلسو فصالون كبير وسط الفيلا وبدا كيدورو عينيه ببروظة فالركاني والسقف ... تصلحات الفيلا ورجعات بحال القصر... السقف منقوش بالخشب والزرليج بلدي والارضية رخامية ... الفراش جديد والفوطويات ديال الجلد والزرابي فالارض .. الثريا كبيرة مدلية والدروج اللي كيطلعو للطابق الثاني منقوشين ... كلشي تغير ... اللي شاف الفيلا ميقولش جات وسط عروبية ، اما حمزة غير كيطلع ويهبط ففضيلة ومعوج سيفتو ماحملها ماقبلها ... يالاه بغا يهضر دريس وهوا يتم داخل شاب فمو ازرق ورقيوق ... من جيهت اللباس لابس مزيان ونقي لاكن من وجهو وصوتو اللي لقى بسه السلام باين عليه ضارباه شي بلية ... جلس معاهم فالصالة كيطلع ويهبط فيوسف بتكبر داير رجل على رجل ... اما يوسف فمحافظ على الهدوء ديالو وكل شوية يتنهد وساهي كيفكر .. جلس عنو حدى فضيلة مقابل معاه فوق فوطويات جلد بينة قدامهم طبلة زجاجية عليها ديكور منحوث على شكل نمر كينقز وقال
ادريس: واتا فين غبرتي هاد الوقت هادا هااا ولد خويي
تنهد يوسف ورجعو تكى على ضهرو بعد ما كان متكي على ركابيه وقال
يوسف: فميريكان
تحلو عينين ادريس وقال : كيريكان! تا واش كركَتيو!!!
طلع حمزة حاجبو شاداه الضحة من ملاكح دريس وفضيلة اللي كيتبدلو من الصدمة للابتسامة للتكبر فبعض الاحيان تدخل وقال
حمزة: لا مشا قرا تما الطب
فضيلة : الطب؟! شناهوا هادا مشا يشفر زعماكينا؟
زواها دريس تسكت وقال معوج سيفتو
ادريس: وا الطيييب تي اشمن الطْبْ... مشا يقرى طبيب ... سكتي خانشوفو الدري فين كان
الابن: وماالكي كتشوفي فيا !!! وصااافي بلا متبقاي طالعي فيا وتهبطي ... شوفي فيه هوا شوفي (شار ليه بيدو) ياك كيحركَوك الكلاوي وهاوا جا يصلحهم لك
ناض منفخ هز السوارت ويوسف كيشوف فيه بنص عين مشمأز منو وبدا ادريس الموال ديالو اليومي تابعو بالهضرة
ادريس: واا الله يتبعك لبلا ... هاوالله كن محشمت تا نوض لبوك نزركَك ليك جنابك ... كبرتي عليهاااو!!!
قال الابن وهوا غادي وصوت الصدى كيتعاود فارجاء الفيلا الواسعة
الابن: وتااا سير الله يعطينا معاكم شي 20 تاع الحبس
فضيلة : تجيييك يا بليهودي لااخر ... ياا بغيت ليك شي رموووك يهزك تا لضبابة ويلوح بوك فجان السبيب يا السكااايري ، يا الحشااايشي ، ماتعرف تقرااا ماتعرف تخدم متسكَم صنعة بارك ليا في ديك الشقة غادي جاي بيها ..يااااربي ياااربي انا بغيت يدخل بيها في داك الضرك اللي غادي جاي حدايه والااا بغا يدخل فيه.. دخل في الحيوط دخل في الركايز دخل في الحجر ولا بغا يدخل في داك الضرك يتشتت لبوه الراس في ديك الحافة نتهنا منو .ينعل بوووك الكلب ..
هز يدو ادريس كيغوت مطرق عين وقال
ادريس : ينعل مو ... سكتينا فضحتينا الله يخليها طريكة تي اللي فششتيه تا ولا يعلي علينا صوتو كَودام العادي والبادي وتبركي دعي فيه وفاش يجي عندك مضروب تبركي تبكي حداه ... الله يتبعكم البلا
يوسف قالب وجهو للجنب كيحك فجبهتو وحمزة لاسق مع ضهر الفوطوي مخرج عينيه مخلوع كيتفرج .. تلفت ليه يوسف وقال بصوت خافت بينما ادريس كيعلي صوتو على فضيلة
يوسف: شفتي على تريكة ... وهادي هي تريكتي ها نتا تفرج ليا مع راسك
سكت ادريس معبس وقلب وجهو شاف فيوسف وقال
ادريس: الاديشاي علينا ياوليدي راه غا سوء في تفاهم كيوقع في احسن العاءلات
يوسف: ماعليش ... مهم بغيت نسولك ... ديك الارض اللي حدا الدار شفتها محروتة ديالمن؟
ادريس : هز يديه فالسماء وقال ) كاريهاا!! كاريها لواحد المسكين وراه باقا ديالك ... كي خلاها ليك بوك باقا بغيتيها من غدا تشدها علاه تا ماشي ولد خوياو!!
يوسف: مهم ... حتى لمن بعد ونشوفو شكون شادها ... ارض الواليد وباغي نرجعها
فضيلة: راااه باقا يا وليدي الوقت اللي بغايتيها جي خود حقك ... حنى منكَلعوش ليك حقك اوليدي
وقف يوسف وقال : المهم .. غنرجع ونشوف .. الله يعاون هاد الساعة
شاف فيها يوسف بنص عين ومشا خرج هوا وحمزة من الفيرمة خلاو ادريس وفضيلة كيشوفو فبعضياتهم ويتنفسو الصعداء
ادريس: ها شكَلت ليك ... ياك كَلت ليك راه معاقلش على دوك الاراضي المكحطة اللي خلا بوه في ديك الخلية ... ياك كَلت ليك غيعقل غا على ارض بوه اللي شاف بوه كيفلحها ومغيعقلش على الاراضي لخرى
فضيلة: واعنداك غا يسيق ليها الخيار ونرجعو في شد ليا نكَطع ليك
ادريس: لااالا... موحااال .. شتي ملي ماجبدهاش دابا ... راه كاااع معارفها ... يمكن حتى واليديه موحال وراوه ديك الارض هاديك... جات بعيييدة مجلية في داك القنت و احمد مكان عندو باش يفلحها كاملة وخلاا يابسة منها للسماء عمرات عا شوك وضرك ... دابا صافي تبنات مابقات باينة ديالمن ... انا النهاار الاول كت كَلتها لك وضربت حساب لهاد النهار ... ويوسف ماعندو حتى ورقة تبين الورث دبوه من غير ديك الارض اللي قدام باب خيمتهم المهجورة وحتى وااحد ماعرف شي حاجة ... عنداااك تخرجي شي هضرة على داك الدركَوم راه نريبو ليك هانا علمتك ... بوه ماخلا اوراق اصلا وماخلا ليه وصية وماعندو وراق على ديك الارض اصلا فداك الوقت ... واخا بويا الله يرحمو قسم الاراضي وجاني في حقي النص وهوا النص... غا هوا معدو زهر ديك الاراضي مكانت صالحة لا لفلاحة لا والو كن ما تباعت هوكاك تبقا . . غانا اللي طلع ليا الزهر فلحت حقي في الارض وولدات ليا باش درت لاباس شوية... دابا سدي فمك ... مكاين ارض مكاين وراق يوريوه ارض باه وشنو خلا ليه ومكاين والو... كيانة غا ديك الخربة ديالهم وديك البقيعة تاع الارض اللي صالحة للفلاحة قدام باب دارهم ... (سهى) ايييه طيبيب !!! شكووون كَاااال ولد هنية يولي طبيب!
رجع يوسف وحمزة للدار ورجع كل واحد منهم للروتين اليومي ديالو .
فالغد مع العشية خرج يوسف حوالي 4:30 من العيادة و رجع للدار لقا حمزة واقف قدام المراية كيمشط شعرو ... مفركس لابس دجين وقميجة بيضة محددة والريحة عاطية واللحية مطراسية مزروب ... وقف شافيه وقال
يوسف: خارج؟
حمزة : تعطلت ومغنتعطلش غنرجع دغيا
تنهد يوسف من التعب وهوا كيفتح صدايف القميجة البيضاء ودخل للبيت بدا كيحيد فحوايجو ويجبد ضهرو من التعب. هز حمزة سوارتو وخرج كيطير فالطوموبيل ويشوف فالساعة حتى وصل للشارع اللي حدى المقبرة ووقف السيارة كيشوف واش تبان ليه ... شوية شافها قامو بعيدة هابطة من واحد الهضبة كتشوف فجنابها مخلوعة وشادة الشال بيدها دايرهاه على فمها وهازة جلالي الجلابة ... حرك السيارة ومشا قاصدها ووقف قدام رجليها وهبط الزاج كيطل عليها وهي مرعودة بوحدها
حمزة : طلعيي
شافت فيه وعاودات شافت فجانبها كتفتف وقالت والشال على نيفها
بدا التعارف بين حمزة ورحمة ... الاعجاب باين على حمزة والخجل طافي على رحمة ... دوزو وقت كيهضرو وبناء على طلبها رجعها فحالها ووقف فنفس البلاصة اللي هزها منها وقال
حمزة : دابا معندك فاش نعيط ليك ولا نهضر معاك ؟
رحمة : ماعنديش اخويا التيليفون
حمزة: حيدي هاد خويا من فمك من قبيلة ونتي تعاودي فيها . . . قولي حمزة ولا شي حاجة اخرى ... مهم انا غدا فاش نخرج من غادي نجي عندك لهنا بحال هاد الوقت اوك
حركات راسها بخجل ونزلات دايرة اللتام على نسفها كتشوف فجنابها ومشات كتزرب وللريح كيطير ليها اطراف الجلابة الملونة وحمزة حاضيها بأعجاب حتى غبرات ورجع بحالو للدار لقا يوسف جالس فالصالة شاد اوراق الطب فيديو مخشع معاهم ماسولو لا فين مان ولا منين جا واخا عارفو كيخرج مع البنات ، لاكن مكيدخلش فيه و دايها فراسو وفهمو اللي غارق فيه ... الروتين الروتين .. الروتين ... حمزة كيمشي يتلاقى رحمة اللي عششات ليه فالراس يوميا ويوسف مكرس راسو للعمل فقط كينسي بيه اوجاعو وهمومو باش ميفكرش فيهم ... بدا الدخل عندو كيكثر وبحكم ان الاختصاص فالمغرب قليل والكل كيلتاجىء للطب العام بجميع المرضى ديال الراس والجهاز العصبي كيفضلو اختصاصي ، وبهادا مابقاتش العيادة كتخوى ...700 درهم للمريض هي تكلفة الفحص وفي بعض الفحوصات كتوصل التكلفة ل 1000 وكيوصل حتى لعشرين مريض فاليوم والنهار اللي كيعيا كيشوف 15 لمريض فقط ويوقف . مليون حتى لمليون ونصف فاليوم اللي كدخل ليوسف ... اكيد الفقراء واخا تمن التكلفة غالية لاكن الاختصاص حتى هوا لاعب دور والراس ماشي شي حاجة اللي ساهلة او الفحص ديالها كيطلب لمسة ايد فقط بحال البطن واكيد مستافدين من التغطية الصحية (لاميتوال) ، بدا حال يوسف كيتبدل للافضل من الناحية المادية ووقع عقد مع مصحة معروفة كيجري فيها عمليات الجراحة ديالو على المخ والاعصاب( الرقبة والعمود الفقري) اللي الثمن ديالها في بعض الاحيان بااهض كتفدي ليه ثمن اسبوع ديال العمل فالعيادة ... خرج بصعوبة من دار حمزة اللي اصر عليه يبقا معاه ساكن لاكن يوسف فضل الاستقرار بوحدو ويخلي لحمزة الحرية يتصرف فدارو على خاطرو بلا حساسية من منو والاشياء اللي مكيبغيش وكيحاول حمزة يتفاداها بحال البنات اللي كان كيبغي يجيب للدار بحالو بحال اي شاب عازب عايش حياتو .
رجعات عند يوسف شقة مستأجرها متوسطة كافياه هوا بوحدو ستيلها عصري حديث (الصورة) وفراشها حديث قريبة من العيادة حتى هي فسونطر فيل كطل على الشارع ... كرس وقتو للعمل فقط ونسا راسو انه أنسان خاصو الراحة والسياحة حتى هوا و خداتو الوقت والخدمة ومعاودش رجع للدوار حتى داز شهر كامل .
تبدل حال يوسف ... وبانو عليه الفلوس من الشهر الاول . . . باقي كما هوا فالشخصية متبدل فيه والو لاكن الفلوس كتبدل المضهر وكتزيد التقة فالنفس واخا كانت عند يوسف التقة فراسو رغم جيبو الخاوي ... صداقتو او اخوتو هوا وحمزة مزالة قوية ... مرة يجي عندو حمزة للدار مرة يمشي يوسف .
نهاية الاسبوع ... خرج حمزة مع يوسف لدار السيارة على نية يشري سيارة تليق بيه ... شافو انواع واشكال السيارات وبدا كيتشاور مع حمزة بيناتهم ويشوفو فالاخير ... عين يوسف كبيرة وكتمشي غير للحاجة الكبيرة وحتى من الطبلة ديال الماكلة هي اللخرة كيبفي يشوفها عامرة لهاذا طاح الاختيار على سيارة دفع رباعي راءعة وكبيرة من ناحية الحجم وفضلها على السيارات المسطحة ، وبدون تردد خاداها وخلص فلوسها كاش ورجع بيها لشقتو ... هادا لم يغير من نفسيتو شيءا ولم يضف اليها شيءا وبقا كما هوا .. صامت . . . والى جلس بوحدو بلا ميشغل راسو كيسهى ويمشي عقلو بعيد ، اخيرا ولات عندو سيارة دفع رباعي وحط عينو على بقعة ارضية فكولف بوسكورة كطل على ساحة الكلف الخضراء اللي نفسها اراضي الاب ديالو وباعها عمو بالملاير للمستثمرين بالملايير .. ودارت الايام واصبح يوسف واحد من الشعب اللي ناوي يشري بقعة ارضية يبني فيها فيلا من هنا لقدام وهوا مارفاسوش ان في يوم من الايام كانت ديك الارض الفسيحة العريضة ديال الاب ديالو اللي ولات فالحاضر مجمع تجزءات وفيلات و ساحة خضراء لممارسي رياضة الكولف وطريق كبيرة كتدي وتجيب .
هادي حياة يوسف ... عينو مكيشوفش بيها الجنس اللطيف نهاءيا ويومو كيمر فالعيادة وبين الجراحات الدماغية فالكلينيك والي اصبح طبيب مهم واكثر واحد رابحين معاه فداك الكلينيك نضرا للمرضى اللي كيمشي يفتح ليهم تما وحتى مرضى الكلينيك ، الادارة كتختارو يقوم باصعب المهمات والحالات الميؤوس منها انه يقوم بها هوا و ولاو كيفضلو يوسف طبيب على باقي الاطباء فالاحترافية والمعقول و في المستوى العالي وهاد الشىء كيزيد يحسن من حالتو المادية للافضل وتدفق الرزق على يوسف وبدا كيحصد نتيجة تعبو ودراستو وسنين الغربة اللي دوز خارج البلاد ... ولاكن داءما على قول المثل المغربي " حتى واحد مالقاعا كيف بغاها " يوسف لقاها من جيهة وفقدها من جهة ... فقد راحة البال .. فقد متعة الحياة ... فقد الابتسامة ... السعادة ... فقد الحياة ومقدروش الاموال يرجعو ليه سعادتو وراحت بالو ويطفي النار والالام والجروح المكتومة فقلبو ونسا طعم الحياة ورجع جسد بلا روح و عطا وقتو للخدمة والرياضة ورجع عملي اكثر من القياس ... حتى لواحد النهار اللي فيه غادي يهضر ويعبر على وينفاجر .. هوا يوم دوز روتينو الصباحي عادي ولبس قميجة زرقاء بارزة عضلاتو المفتولة وسروال اورق داير ليه السمطة ونازل واجد لبداية عمل كساءر الايام .. ماشط شعرو اللور وراءحة جميلة فايحة .. وسيم .. هاداشي مستحيل نكرانو وحتى فأسوء حلاتو كيبان وسيم .. وحتى وهوا حزين كيبقا وسيم .. هادي صورة نعم بيها الله عليه لا من شكل جسمو المطلوب بقوة من طرف الفتياة وكتشوفو فارس احلامها ولامن ملامح وجهو ابريءة اللي كتجدب ليه المشاكل مع البنات واغواءات وحتى مع اشباه الرجال .. كالعادة نازل زربان فالاسانسور وخرج بخطوات سريعة فاتجاه السيارة حتى كيتفاجىء بشابة واقفة قدامو خلاتو يوقف تابت فمكانو فحالة ذهول
واتحركووو واا تحركو وناري لمن كنحاجي انا . هادوك اللي هربو وكيقراو فالخفاء كنشوفكم 😉 راه جابولي خباركم هادي هي غنحبس القصة ومابقيتش نقرى وطااطاااطا !!
كالعادة نازل زربان فالاسانسور وخرج بخطوات سريعة فاتجاه السيارة حتى كيتفاجىء بشابة واقفة قدامو كتشوف فيه نضرات غريبة خلاتو يتشوكا من مضهرها ... زلقة ليه السوارت من يدو ودار يهزهم من الارض ورجع شاف فيها لقاها غبرات ... طارت من قدامو .. استغرب ما فهم والو وعلاش وقفات قدامو كتشوف فيه بدوك نضرات الغريبة ؟ طلع حجبانو ومشا ركب فسيارتو فاتجاه خدمتو . بقا عقلو مع البنت اللي وقفات قدامو ول شوية يطيح ليه داك الفلاش فبالو ويفكر ... كيفاش غبرات وعلاش وقفات قدامو وطارت ؟ شيىء محير ، اتاجه للكلينيك لانه كانت عندو عملية جراحية على المخ وحط تركيزو كامل باش تنجح ليه العملية
في غرفة العمليات المضلمة وتحت ضوء المصباح الساطع واقف يوسف فراس البياص وقدامو مريض مغطي كانل بتوب اخضر .. راسو محلول بين يدين يوسف اللي داير القفزات البيضاء وللبس تيشورط اخضر ديال توب بعنق مثلت بسروالو اخضر وعلى نيفو كمامة خضراء وعلى راسو بوني ازرق مغلوق ومركز مع العملية ... الصمت حتى واحد مكيهضر وغير بعينيهم كيفهمو يوسف شنو بغا وشنو كيطلب.. حدو كيمد يدو كيحطو ليه فيها ادات من ادوات الجراحة ... بدا كيعرق ومتبت كيحاول يحيد الجزء المتمكن منو السرطان بلا ميخطأء ويأدي بحياة المريض للموت او مضاعافات بحال الشلل الى اخره ، تمكن من قطع الجزء وبدا فخياطة الاجزاء بسرعة فاءقة وجمع الراس وخيط الجلدة اللي ولات قرعة مافيها حتى زغبة عاد تنفس وحرك راسو بالايجاب للمساعدين والاطباء اللي ضايرين بيه ... وقف حدا مغسل حيد القفازات وغسل يديه جيدا حنى للمرفق خرج من غرفة العمليات وحيد الكمامة على نيفو هبطها لتحت خلا البقية يقومو باقي العمل .. مهمتو سالات والعملية نجحات وخرج مبتاسم فوجه عاءلت المريض اللي كتبكي وكتسنى على احر من الجمر ... طمنهم وعطاهم وقت من وقتو ومشا جلس فواحد المكتب كبير وتكى على ضهرو كيتجبد من التعب ... دخلو ليه قهوة كحلة وسهى كيشوف فيها ... فيقو تيليفونو اللي كيصوني فالمجر وجبدو لقا نمرة ديال الدكاني... تقلب بالمرسي عطا ضهرو للمكتب وفتح الخط
يوسف: الو السي عيسى .. كلشي مزيان ؟ .... بحالاش؟... واخا السي عيسى ساعة ونص وهانا معاك ... في امان الله السي عيسى
قطع وشاف للجنب مستغرب كيفكر ويقول مع راسو فاش يكون بغاه السي عيسى الدكاني وشنو هوا الامر المهم اللي بغاه فيه . بعد تفكير وهوا كيشطح برجلو ويقشر بشفاه السفلية بسنانو دور التيليفون فيديه بالخف وتاصل بالعيادة للمستقبل
يوسف : الو ... لغي جميع المواعد هاد العشية مغنرجعش واللي جا عطيه موعد لغدا انشاء الله ......... لا يبقاو تما علاش غيمشيو ؟ واش صافي انا مكاينش يمشيو حتى هما؟!! والى جا شي واحد وجهو محلول بغا يخيط ولا بغا ابرة ولا شي حاجة شكون يضربها ليه! هه!
قطع كيضحك بسخرية على الممرضين اللي قالو يمشيو حتى هما غير حيت الطبيب غايب لاكن يوسف خلاهم يكملو العمل فالعيادة سواء كان او مكانش وممنوع يخرج شي واحد قبل التوقيت المعروف ديالو ، ناض سد عليه المكتب وبدل حوايجو وخرج كيبتاسم فوجه الاطباء اللي داخلين داخلين خارجين حتى وصل للباب فين كاين مكتب الاستقبال كبير وهي تخرج ممرضة غبيضة كتجري موراه رجعاتو للاستقبال ووقف كيشوف فالاردوراق اللي عطاتو وهي كتهضر مع راجل كبير فالسن كيتستى الرد
الرجل بصوت ضعيفيدو كترجف لكبر سنو : وراه سيمانة وانا هنا واش نموت هنا !!!
قال يوسف بلطافة وهوا كيطبع الاوراق : مازال مطول ليك الله فالعمر مغتموتش انشاء الله غير عطي الراحة راسك
رد الرجل بعصبية وصصوتو الضعيف : ايوا بزاف... نمشي نشوف شغالات واش نبقا هنا كتسرجو مني الفلوس
يوسف: بابتسامة هز راسو ) صبر شوية شكون فينا كيبغي السبيطارات ولا الكلينيكات ... فين عاءلتك فيين مجا عندك حتى واحد ؟
الرجل: راه عندو ولادهم واش عاد يعقلو عليا
الممرضة: لا راه مافراسهمش نتا خارج ليوم راه ديما كيجيو يسولو وهما مخلصين الكلينيك
يوسف: صاافي ها ورقة ديال الهروج ديالك هاهيا ... (شاف فالممرضة) خليه هنا تا يجي ليه شي واحد عنداك يخرج ها ودني منك (شاف فالرحل المسن) الله يجيب الشيفة الشريف تكايس شوية على راسك ... الله يعاون
مشا فاتجاه البداية سايق السيارة شوية تاصل بيه حمزة ودار مكبر الصوت للطوموبيل
يوسف: الو حمزة
حمزة : هانيا خاي يوسف كلشي مزيان
يوسف: الحمد لله هاد الساعة ونتا مزيان
حمزة : منين جاه مزيان راه غنسافر شي يامات عندي شي خدمة مهم باش تكون فراسك
يوسف: الله يسهل الامور
حمزة : نتا مزيان بعدا ؟
يوسف: حمد لله لقيتيني شاد الطريق دابا للعروبية
حمزة: وعلاش ياك لاباس واش كاين شي مشكل؟
يوسف : ماعرفتش شي حاجة ضاروري مهم من بعد ونعاود ليك
حمزة: باصرار) بحالاش شنو هادي اللي ضاوووري
يوسف: انا براسي معارفش اخاي حمزة عيط ليا السيد مول الحانوت يمكن هادا ادريس داير شي زبلة بااينة
حمزة: اااه... وا مهم باش ماكان رد عليا .. نخليك دابا
يوسف : اجي بعدا فين سيفطو... طييط طييط طيييط
تقطع الخط وكمل يوسف طريقو حتى دخل فلابيست ووقف قدام الحانوت بالسيارة لقا محموعة من ناس الدوار ملابسهم بالية و كيهضرو بقلق ، نزل كيشوف فيهم باستغراب عاقد حجبانو ولقا السلام وبدا كيمد يديه يسلم عليهم واحد واحد وهما بكل احترام كيردو السلام .. وقف حدا عيسى الدكاني وقال وهوا كيشوف فناس الدوار والعصبية اللي هما عليها
يوسف: اسي عيسى ... اش وقع ياك لاباس؟
رد السي عيسى بلهجتو الدكالية كيورك على الحروف هوا وباقي اهل الدوار
عيسى : بعصبية هاز يديه ) وااالوو بااس السي يوسف ... ها نتا تشوف ... شوف حالتنا كيدايرة ... لا ارض مكَودة ولا ضاو (الضوء) لاماء ... النص في هاد الدوار باقي يسكَي ... لا سكويلات ولا زبيطارات (سبيطارات) لا ووالو ... عا باركين ويكدبو علينا
بداو اهل الدوار ميتغاوتو ماعاجبهم حال وكل واحد اش كيقول ويهزو فيديهم حتى دخل يوسف بطريقة هادءة وجدية
يوسف : غي بلاتي غي بلاتي بعدا نفهمو شنو كاين . . . ياك نتوما راضيين بهاد شي وقاابليين عليه وكل عام تصوتو لنفس المرشح هادي سنين ... شكون اللي ضربكم على يديكم ؟ شفتوه ماقضا والو صافي بدلوه
عيسى الدكاني : وراااه اوليدي الناس محتااااجة واحد خدام في البني واحد غا بارك فالدار لا خدمة لا والو واحد يفلح في لارض عام تعطيه عام تكَلع ليه وفاش كيجيو ... الزمان صعيب وقلت االشىء
.. التريكة خاص شنو توكلها والناس كتعاني العام كامل كارهين العيشة هاو فاش كيجيو هاد انتخابات كيطلعو لي قشلة دالمرشحين ... منهم داك عمك الله ياخد فيه الحق كيبدا يفرق في الفلوس وفي الماعون ها الدكَيك ها الزرود ها العرضات وها تا تشوف الناس محتاااجة دخل على ولادها خبزة وفاش كتمد ليهم ديك 100 درهم ولا 200 درهم راه كيشدوها ويصوتو على داك عمك حااشة واش يكون عمك ... كيصوتو عليه حيت ديك 100 درهم اللي عطاهم راه توكل ولادهم سيمانة ... واش هما ماعندهم باش يقضيو ويرجعو النعمة اللي تعطاتهم !
يوسف: بجدية) دابا فين كاين المشكل انا باش غنفعكم ؟ شنو وقع دابا حتى تنادم معاكم الحال؟
كلشي كيشوفو فيه وهوا يهضر عيسى
عيسى: حنا تجمعنا ليوم على هاد القاضضية هادي...انتيخابات بداو
هز راسو يوسف ودار ابتسامة خفيفة وقال
يوسف: ااااه ... هاكاك
السي عيسى: عمك راه من المرشحين ... وحنا بغينا شي واحد اللي تيقة يهز بينا وكيعرف بينو وبين الله ... عيينا وهانتاا تشوف في حالتنا وعمك دابا شوية يبدا يفرق علينا فالطحين والسكر ... ماعرفنا شكون نتيقو فيه يهز بينا وتجمعنا هاد النهار باش نترشحو عليك تااا
خرج فيهم يوسف عينيه مصدوم وقال
يوسف : انا !!! لالالا انا عندي مايدار ومكنفهمش فهادشي ديال البوادي وخرجت من هنا فاش كانت عندي ست سنين مابقيتش عاقل كااع على راسي وشاد غير التشاش ومابيني وبين الفلاحة غير لخير..منقدرش نواعد الناس بشي حاجة و منوفيش بيها ... لااالا ميصلاحش
ربع يديه كيشوف فالارض ويخمم وهما كيهضرو ويحاولو يقنعوه واخا ماعندو علاقة بالبادية واخا اصلو كيرجع ليها لاكن حياتو ماعاشهاش فيها وحتى عقيلة ناس الدوار مزال معندو فكرة عليها ... بعد الشد والجد وعيون الرجال المصرة وكتسنى منو يوافق هز راسو في حيرة كيعبر بيدو اللي فيها التيليفون وقال
يوسف: مانقدرش منقدرش دابا خاصني نفكر وعارفين دريس غينوض القيامة غيجيب ليه الله ضدد فيه غنترشح ... منقدرش نعطيكم كلمة دابا وخاصني نفكر بعدا هوا اللول ... الى كانت شي حاجة راه غتلقاو سميتي فلاليست ... فففالاءحة ..
عيسى : اييه اييه في صبورة
يوسف: مهم غتلقاو سميتي ضمن اسماء المرشحين والى متلقيتوهاش عرفو بللي مصلاحش ومكتابش
عيسى: وغا على وجه ارض باك اللي مات عليها لاما شوف من حالنا... غا اللي جا يكدب علينا وحنا تايقن فك تا بعدا قاري وطبيب وباينة على وجهك المعقول
يوسف: وايكون خير يكون خير
عيسى: غا هوا متعطلش علينا راه بداو يترشحو
يوسف: يكووون خييير انشاء الله ... يالله الله يعاون
طلع فسيارتو وقلب الطريق مشا للارض اللي حدا دراهم ووقف لقا واحد الراجل كيحفر فيها لابس بوط وحوايج مسخة داير طربوش على راسو وجهو محروق بالشمس ويدسه قاصحيم ونزل عندو وقف عليه ولقى السلام ... ناض الراجل المسن رد عليه السلام وبقا كيشوف فيه باستغراب وملامح جادة
يوسف: كاين شي فلاحة ولا والو
الرجل : حامدين الله ... شكون تا اوليدي؟
يوسف : سرح عينيه فالارض وقال : مول هاد الارض ... مكَالهاش ليك دريس؟
الرجل: للحاج دريس حيت من عندو كريت الارض ويالاه بيديت نفلح فيها ... كَاليا نعطيه الفلوس هما اللوليين ... كان كَاليا يصبر عليا حتى ندور الحركة شوية ... شوية سيفط ليا الخماس كَاليا راه بغا فلوسو ضاروري وكَلت ليه صبر عليا نضبر فيهم ... غا سلف تسلفتهم بزز مني وكان كل شوية يسيفط ليا الخماس ودار معايا ليوم يجي ليهم وهانا ساير نستنا فيه (خرج عينو بغضب) انا راه مخارجش من الارض حتى يدوز العام ... خسرت فيا رزقي باش زرعت فيها بطاطة ودار معايا عام بي 7 دملاين
بقا يوسف غير كيشوف مصدوم وفخاطرو قال
يوسف : لاا حولى ولا قوة الا بالله ... مهم الا جا عندك كَوليه الفلوس عطيتيهم ليا وبللي جيت عندك وسمح ليك تكمل فيها الحرث هاد العام ... غير هوا الارض غنرجعها من دابا عام هاهيا فراسك مغتعاودش تكرى
الرجل: خرج عينيه ) تا واش الخاج دريس كان باغي يزرب عليا في الفلوس او؟!!! باش يخليني مني لمول الارض لا جرا عليا يمشي رزقي وسبعة دالملاينوو؟؟؟ ايييه!!! باش ملي يجي مول الارض يطلب خلاصها مني عاوتاني!!!
يوسف: الله واعلم ان بعض الضن اتم ... المهم انا مافراسيش بشحال كاريها ولا واش خلصتيها ولا لا ومجيتش نطلب ليك فلوس الكرا وجيت باش تعرف شكون مول هاد الارض وبللي راها عزيزة على مولاها بحال واليديه وماباغي مقابل فيها ومغيسمح فحتى شبر منها ... المهم انا جيت باش نتفاهمو ومغتعاودش تشوفني حتى لعام الجاي...(ابتاسم وسرح بعينيه فالارض) وتهلا فالارض ... على قول الواليد الله يرحمو باقي عاقل ... الارض قد ما عطيتيها تعطيك .
تنهد ومشا خلا الفلاح كيشوف فرحان بفلوسو اللي تنازل عليها يوسف وبقا حاضيه بعنيه وهوا بعيد جالس القرفصاء فوق التراب المحروتة وسارح بعينيه بعيد ... شوية هز كمشة ديال التراب فيديو وبقا كيشوف فيها مطولا ورجع ناض نفض يديه ومشا طلع فسيارتو ، شد الطريق راج للدار ومع جوايه العصر وصل حدى العمارة ونزل من السيارة وتم داخل بخطوات سريعة جيهت الباب .. هز عينو وهوا يلقا نفس الملابس ونفس الملامح ديال البنت اللي شاف فالصباح .. استغرب ومشا فاتجاها بخطوات بطيءة وهي جالسة مكمشة حدا الباب وكأنها كانت كتسناه
اليتيم كبرياء رجل الجزء الثامن والأخير
محتوى القصة
يتبع...
في قصة اليتيم حرب الأصول
التنقل بين الأجزاء